إحصائيات

زوار المحفظة

الاثنين، 20 فبراير 2023

الكسائي يخسر جولة

يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي البصري المشهور ب(اليزيدي) يأخذ بثأر سيبويه:
اجتمع الكسائي واليزيدي عند الرشيد فقال اليزيدي للكسائي:
أتجيز هذين البيتين:
ما رأينا خرباً نقـ ـ...قـَر عنهُ البيض َ صقرُ
لا يكونُ العيرُ مهراً...لايكونُ المـــهرُ مهــرُ 
فقال الكسائي:،الصواب هو (لا يكون المهر مهراً) لأن مهرا خبر يكون،وهذا جائز على الإقواء
فقال له اليزيدي:انظر جيداً،فنظر ثم أعاد نفس قوله،فقال اليزيدي: لا يكون المهرُ مهرا محال في الإعراب، والبيتان فصيحان.
واستطرد قائلا:جملة لا يكون مؤكدة لسابقتها وعندها يتوقف المعنى وجملة المهر مهر مثبتة وهي مستقلة عن سابقتها (المهرُ مبتدأ ومهر خبر)، وضرب بقلنسوته الأرض،وقال: أنا أبو محمد، فقال له يحيى بن خالد البرمكي: خطأ الكسائي مع حسن أدبه أحبُّ إلينا من صوابك مع سوء أدبك، أتكتني قدّام أمير المؤمنين، وتكشف رأسك؟ فقال اليزيدي:إن حلاوة الظفر، وعزّ الغلبة أذهبا عني التحفظ.
ملاحظات:
1-كشف اليزيدي لرأسه والتكنية ليسا سببين كافيين لأن ينتصر الرشيد للكسائي مع أنه أخطأ.
2- تكتني يعني به قوله:أنا أبو محمد والكنية فيه إعلاء مقام وما كان ينبغي ذلك في نظر الرشيد.
3-لماذا غفر الرشيد للكسائي خطأه ولم يفعل ذلك مع سيبويه واجتهاده؟
سبب هذا هو أن مدرسة الكوفة التي يتزعمها الكسائي كانت مقربة سياسيا وموجودة في مفاصل الدولة.
وهناك سبب آخر عاطفي لأن الكسائي هو معلم الرشيد ومؤدبه.
أضف إلى ذلك كان الكسائي شخصية محبوبة وصاحب دهاء وحسن تصرف.
4- تفسير اليزيدي صحيح وسبب اللبس عند الكسائي هو عدم وجود علامة وقف مثل التي عرفت بعد ذلك كالنقطة والفاصلة.
5- المهر يجب أن يكون مهرا فكيف غاب ذلك على الكسائي؟ ولعل من حظ اليزيدي أن النقاش لم يكن في مجلس عام وإلا فربما حصل الكسائي على التأييد مثل المسألة الزنبورية.
6-هل يمكن أن نعتبر انتصار اليزيدي ردا للاعتبار لسيبويه وهما من نفس المدرسة؟ ظاهريا نعم هو ثأر.
7-الإقواء الذي ذكره الكسائي هو أن يخالف الشاعر بين حركات الروي.والإقواء من عيوب القافية.
وهنا أخطأ الكسائي أيضا في حجته لأن ما تحدث عنه يسمى الإصراف لا الإقواء وهذا خطأ يغتفر لوجود فرق دقيق بينهما.
8-إذا جعل الشاعر حركة الروي في قصيدة واحدة الضمة أو الكسرة وجعل روي أحد الأبيات مفتوحا سمي هذا إصرافا وفي ماعدا هذه الحالة سمي إقواء فالإصراف هو إقواء بالنصب،فكل إصراف إقواء وليس كل إقواء إصرافا.
قال حسان:
لا بأسَ بالقومِ من طولٍ ومن عظم
            جسمُ البغالِ وأحلامُ العصافيرِ
كأنهم قصب جفّت أسافله
               مثقب نفخت فيه الأعاصيرُ
البيتان من بحر البسيط
هنا كسر حسان الروي (الراء) في البيت الأول (العصافيرِ) لأن الاسم مضاف إليه وضمه في البيت الثاني (العصافيرُ) لأن الاسم فاعل.
ولو افترضنا أن الحق كان مع الكسائي في نصب مهرا لكان هذا إصرافا لأن الشاعر انتقل من ضم الروي إلى الفتح وهذا هو الإصراف الذي سماه الكسائي إقواء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنك التعليق بشرط أن يكون تعليقك له علاقة بالمنشور وليس فيه إساءة.
لا ينشر التعليق إلا بعد موافقتي.

ابحث(ي) هنا