فصاحة امرأة وفطنة خليفة
فصاحة امرأة وفطنة خليفة دخلتِ امرأةٌ على الخليفة،وعنده جماعةٌ من جلسائه، فقالت:أقرَّ اللهُ عينك، وفرَّحك بما آتاك،وأتمَّ سعدَك؛ لقدْ حكمتَ فقسطتَ. فقال لها:مَنْ تكونينَ أيتها المرأةُ؟ فقالت:مِن آلِ بَرْمك؛مِمَّن قتلتَ رجالَهم،وأخذتَ أموالَهم،وسلبتَ نوالَهم. فقالَ: أما الرِّجالُ،فقد مضى أمرُ الله فيهم،وأمَّا المالُ،فمَردودٌ إليكِ،ثم التفتَ إلى أصحابه سائلًا: أتدرون ما قالتِ المرأةُ؟ فقالوا:ما نراها قالت إلا خيرًا. فقال:.ما أظنُّكم فهمتم ذلكَ؛أمَّا قولها: "أقرَّ اللهُ عينَك"؛ أي: أسكَنها عن الحركةِ،وإذا سكنَتِ العينُ عن الحركة عَمِيَت،وأمَّا قولُها: "فرَّحَكَ اللهُ بما آتاكَ"، فأخذتْه من قولِه تعالى:﴿حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ [الأنعام: 44]،وأمَّا قولُها:"أتمَّ سعدَكَ" فأخذتْه من قول الشاعر: إذا تمَّ شيءٌ بدا نقصُهُ ترقَّبْ زوالًا إذا قيلَ:تمّْ وأمَّا قولُها:"لقد حكمتَ فقسطتَ"،فأخذتْه من قولِه تعالى:﴿وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا﴾ [الجن: 15]،فتعجَّب أصحابُه