مات الحمار جوعا

قرأت منشورا في إحدى المجموعات التربوية يسأل صاحبه عن إعراب جملة مات الحمار جوعا.وما دفعني للتدخل هو أن أحد الأساتذة أعرب جوعا تمييزا وخطأ الآخرين بطريقة لاذعة.
وهذا تعليقي على كلامه:
كلهم مخطئون إلا أنت!
إن اعتبار كلمة جوعا مفعولا لأجله يكون صحيحا إذا تحققت فيها الشروط الخمسة للمفعول لأجله:
1-المفعول لأجله يكون مصدرا وكلمة جوعا مصدر. 2-هذا المصدر يكون قلبيا والجوع ليس كذلك لأن المصدر القلبي منشؤه الحواس الباطنة كالاحترام والتعظيم والخوف والرغبة والحياء والشفقةوالجوع ليس من الحواس الباطنة.
3-المفعول لأجله يبين سبب وقوع الفعل والجوع هو سبب موت الحمار.
4-المفعول لأجله يشارك الفعل في الفاعل نفسه وهنا الذي مات هو الحمار والذي جاع هو الحمار أيضا.
5-المفعول لأجله يشارك الفعل في الزمن نفسه وهنا موت الحمار في نفس زمن جوعه.
والسؤال المطروح هو هل تحققت هذه الشروط الخمسة؟والجواب لا لأن الجوع مصدر لكنه ليس قلبيا.
وهناك ملاحظات جانبية ذات أهمية:
1-المفعول لأجله يجوز جره بحرف جر يفيد التعليل(الباء اللام من في) وهنا يصح أن نقول:مات الحمار من الجوع.وبما أن هذا الشرط شرط جواز فإن التمييز يجوز أيضا جره بمن أو الإضافة إذا كان من أسماء المقادير فنقول:اشتريت قنطارا قمحا أو قنطارا من القمح أو قنطارَ قمحٍ.
أما تمييز الجملة فلا يشترط جره بمن وغالبا ما يكون منقلبا فاعل أو مفعول به أو مبتدأ فهل يصح جعل جوعا فاعلا فنقول:مات جوع الحمار؟طبعا لا يصح لذلك جوعا ليس تمييز جملة.
2-يجوز أن أستعمل اسم الفاعل جائعا فأقول:مات الحمار جائعا.وعلى هذا الأساس أميل إلى كون جوعا حالا.ومن الأفضل استعمال جائعا لاجتناب التأويلات.
3-المفعول لأجله يكون سببا في وقوع الفعل والفعل مات هنا لم يقم به الفاعل بإرادته بل اتصف به كما اتصف بالجوع.
4-جوعا ليس تمييزا لأن التمييز يفسر غموضا في الجملة وهنا يمكن حذف التمييز ولا يحدث غموض.
5-الحال يبين هيئة الفاعل أثناء وقوع الفاعل والحمار المسكين جاع قبل موته بمدة.
والخلاصة:
أولا:أميل إلى كون كلمة جوعا حالا لأننا في مقام وصف لا تمييز فقد عرفنا أن هذه الكلمة يمكن حذفها.
ثانيا:لا أخطىء التلميذ الذي يعتبر جوعا تمييزا أو مفعولا لأجله فلماذا أنكر عليه ما وقع فيه معظم الأساتذة؟
ثالثا والأهم هو ضرورة اجتناب مساءلة التلاميذ في قضايا خلافية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إعراب أي الشرطية

أعرب:لأستسهلنّ الصّعب أو أدرك المنى.... فما انقادت الآمال إلا لصابر

ما الفرق بين ذا و ذو وذي ومتى نستعمل هذه أو تلك؟