إحصائيات

زوار المحفظة

الخميس، 7 ديسمبر 2023

القبض والسدل

إسدال اليدين في الصلاة عند المالكية....✍
أولاً: لم أكتب ذلك تعصباً لهوى نفسي ولا انتصاراً لمذهبي، لأنني حنفياً ولست مالكياً، وأقبض يدي في الصلاة ولا أرسلهما.
ثانياً: إرسال اليدين أو قبضهما ليس أحدهما من واجبات الصلاة ولا من مبطلاتها، ففي الأمر سعة، وأقصى ما يقال في أحدهما أنه مستحب، وتارك المستحب لا يعاقب ولا يلام شرعاً ولا عرفاً، فعلى افتراض صحة السدل لا يجوز للمسدل أن يلوم القابض، والعكس صحيح.
ثالثاً: عزمت على كتابة ذلك المقال لما رأيت من تجاوز في الإنكار من كلا الطرفين على ما لا يحق لأحد في اللوم ولا الإنكار، ولما رأيت من بعض الجهلة الذين يطعنون في إمام دار الهجرة سيدي الإمام مالك رحمه الله تعالى ونفعنا به دنيا وأخرى، فشرعت في كتابته مبرزاً بعض أدلة السادة المالكية ليتبين للجميع أنهم ليسوا على هوىً ولم يدعهم إلى ذلك تعصبهم لمذهبهم، ولا انتصارهم لهوى أنفسهم، وليعلم الجميع أنَّ لهم مستندا من السنة النبوية وآثار الصحابة والتابعين وبعض أئمة الدين، ومن تلك الأدلة:
1_ روى الطبراني وغيره أنه صلى الله عليه والسلام إذا كان في الصلاة رفع يديه قبالة أذنيه فإذا كبر أرسلهما، وللأمانة الحديث ضعيف.
2_ أنه صلى الله عليه وسلم علم الصلاة لغير واحد ولم يذكر القبض، وفي حديث المسيئ صلاته علمه النبي الصلاة ولم يذكر له القبض ولو كان مستحباً لعلمه له لأنه علمه مستحبات الصلاة في الحديث نفسه.
4_ حديث أبي حميد الساعدي في عشرة من أصحاب النبيﷺ وفيه أنه قال أنا أعلمكم بصلاة رسول اللهﷺ.....وفيه(كَانَ رَسُولُ اللهِﷺ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حَتَّى يَقَرَّ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلًا)، وموضع اعتدال العظم هو إرسالهما وليس قبضهما، وفي الحديث ذكر رضي الله عنه وضع اليد في ثلاثة محلات الركوع والسجود والتشهد ولم يذكر وضعهما على البطن، فكيف لمحتج بأنه أعلمهم بصلاة رسول الله ﷺ أن ينسى ذلك ثم يوافقه الصحابة ويقولون له صدقت .
5_ أن أكثر أحاديث القبض لا تخلوا من مقال، وأن فيها اضطرابا فمن قائل تحت السرة ومن قائل فوقها، وأنَّ جميع الأحاديث تخلوا من محل وضعهما فاضطروا إلى الأحاديث الضعيفة، فمحل الوضع حكم مبني على ضعيف.
6_ احتجاهم بعمل أهل المدينة وأن أهل المدينة كانوا يرسلون أيديهم ولا يقبضونها، وعمل أهل المدينة مقدم على الحديث الصحيح عند المالكية، وقد ألف ابن تيمية رحمه الله رسالة بعنوان: صحة مذهب أهل المدينة، فليراجعها من أراد.
7_ كان ابن عباس يقول: إن أحببت أن تنظر إلى صلاة رسول الله ﷺ ، فاقتد بصلاة ابن الزبير "، وابن الزبير كان يرسل يديه في الصلاة، ولا يرى أحداً قابضاً إلا فك يديه، فهذا صحابي جليل لم يكتفِ بكون يرسل بل كان يفك يدي من رآه قابضا.
8_ الإرسال لم يكن بدعة من مالك بل روي عن غيره كما سبق كابن الزبير، وكذلك روي عن الحسن البصري وإبراهيم النخعي وسعيد بن المسيب وابن سيرين وسعيد بن جبير بل وورد عن ابن جبير أنه واضعاً يمناه على شماله ففرق بينهما، وقال الليث يرسلهما إذا طال عليه وضع اليمنى على اليسرى للإستراحة، وخير الأوزاعي بين القبض والإرسال، وأسدل ابن جريج.
9_ أن رواية الإمام لحديث القبض في الموطأ مع عدم العمل به له دلالة على أن الحديث منسوخ ويؤيد ذلك عمل أهل المدينة وما روي عن بعض الثقات أنهم كانوا يرسلون أيديهم.
10_أنه لم يثبت عن الأمامين الشافعي وأحمد أو أحدهما أنه ذم الإرسال، وذلك دليل قوي على جوازه وإلا لما سكن عنه الإمامان، بل الإرسال رواية عنهما.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.
الفقير محمد كرم الخميسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمكنك التعليق بشرط أن يكون تعليقك له علاقة بالمنشور وليس فيه إساءة.
لا ينشر التعليق إلا بعد موافقتي.

ابحث(ي) هنا